فِي الزَّائِدِ اللَّازِمِ مَا لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ بَيَانٌ وَدَرْسٌ
المؤلفون
فِي اللَّغَةِ العَرَبِيَّةِ حُرُوفُ مَعَانٍ زَوَائِدُ، أُدْخِلَتْ فِي بِنًى لُغَوِيَّةٍ، وَتَرَاكِيبَ لِغَايَةٍ وَمُرَادٍ، أَرَادَتْهُ العَرَبُ حِينَ أَوْقَعَتْ هَذَا الزَّائِدَ هَذَا المَوْقِعَ، تَبْتَغِي إِضَافَةً مَا. وَالحُرُوفُ الزَّوَائِدُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يَجُوزُ حَذْفُهُ، وَلَا يَخْتَلُّ الكَلَامُ بِحَذْفِهِ، وقِسْمٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ، وَلَا يَصْلُحُ اللَّفْظُ، أَوِ التَّرْكِيبُ إِلَّا بِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ جُزْءٌ، لَا يَتَجَزَّأُ مِنْهُ، وَقَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ النَّحْوِيُّونَ الزَّائِدَ اللَّازِمَ، وَهَذَا الدَّرْسُ يَعْتَنِي بِبَيَانِ شَيْءٍ يَتَّصِلُ بِهَذَا الزَّائِدِ اللَّازِمِ.
وَتَبَدَّى مِنَ الدَّرْسِ، وَانْكَشَفَ أَنَّ الزّائِدَ اللَّازِمَ دَلِيلٌ مُبِينٌ عَلَى تَصَرُّفِ العَرَبِ فِي لُغَتِهَا، وَأَنَّهُ لَا يُزَادُ عَبَثًا، بَلْ يُزَادُ لِعِلَلٍ وَأَسْبَابٍ، مِنْ أَبْرَزِهَا إِصْلَاحُ اللَّفْظِ، وَالتَّعْوِيضُ عَنْ مَحْذُوفٍ، وَأَنَّ هَذَا الزَّائِدَ قَدْ يُغَيِّرُ حُكْمَ مَا زِيدَ عَلَيْه، وَيُعْطِيهِ حُكْمًا جَدِيدًا، وَأَنَّ القَوْلَ بِلُزُومِ الزِّيَادَةِ مَحكُومٌ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ هُوَ صِحَّةُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ بِدُونِ هَذَا الزَّائِدِ اللَّازِمِ، فَإِنْ جَازَ حَذْفُهُ، وَلَمْ يَخْتَلَّ مَعْنَى الكَلَامِ، كَانَ زَائِدًا غَيْرَ لَازِمٍ، وَإِلَّا، فَهُوَ لَازِمٌ. وَتَبَدَّى مِنَ الدَّرْسِ، أَيْضًا، أَنَّ عُلَمَاءَ اللُّغَةِ لَمْ يَكُونُوا مُجْمِعِينَ عَلَى زِيَادَةِ الزَّائِدِ زِيَادَةً لَازِمَةً، بَلْ كَانَتْ لَهُمْ آرَاءٌ أُخْرَى، سَاعَدَ عَلَيْهَا، وَأَبَاحَ القَوْلَ بِهَا سَعْةُ العَرَبِيَّةِ، وَمَرَانَةُ التَّرْكِيبِ فِيهَا.